حرب؟ لا بأس، لدينا يانسون!

عاش السوريون حروبًا تعجز حتى كتب التاريخ عن توثيق تفاصيلها، لكنها لم تكن كافية لإطفاء رغبتهم في الحياة. فعلى الرغم من البراميل المتفجرة، والقصف، والكيماوي، والحصار، والتهجير، ظل هناك سوري يفتح “بسطة” على الرصيف، وآخر يحوّل بيته المدمر إلى محل شاورما بلا جدران، وثالث يطمئنك أن “الأمور تمام” بينما يبيعك كيس يانسون بسعر قذيفة هاون.

التضخم؟ نضحك في وجه الدولار!

عندما تجاوز الدولار حاجز الـ15,000 ليرة، لم ينهار السوري كما توقعت النظريات الاقتصادية، بل تقبّل الأمر بروح رياضية. ارتفعت الأسعار؟ لا بأس! سيأكل السوري نصف رغيف بدلاً من رغيف كامل. لم يعد يستطيع شراء اللحم؟ لا مشكلة، اكتشف السوري فجأة أن العدس يحتوي على بروتينات لم يكن يعلم بوجودها! أصبح الدجاج “أكلة ملوك”؟ حسنًا، سنعامل الفلافل كأنها وجبة خمس نجوم، وسنطلق على البطاطا “لحمة الفقراء” وكأنها ماركة مسجلة.

الطوابير؟ نحن رواد الانتظار!

السوري أتقن فن الوقوف في الطوابير كما لم يفعل أي شعب آخر. طوابير الخبز، الغاز، البنزين، السكر، المعاملات الحكومية، وحتى طوابير الإنترنت البطيء! لكنه لم ييأس، بل طوّر نظامًا اجتماعيًا فريدًا داخل الطوابير. فهناك دائمًا شخص يحفظ دورك لتذهب وتحلق شعرك، وآخر يبيع لك شايًا أثناء الانتظار، وواحد يستغل الوقت ليجري “مناقشات سياسية ساخنة”، تنتهي عادة بمعركة كلامية تجعل الطابور أكثر تشويقًا من مسلسل درامي طويل.

نقص المواد الأساسية؟ السوري مبدع في الاختراعات!

لا يوجد منتج غير قابل للاستبدال عند السوري. الزبدة غير متوفرة؟ جرب السمن الصناعي! السكر مفقود؟ العسل البديل الطبيعي! لا يوجد وقود للتدفئة؟ حسنًا، لنجمع ملابس الشتاء القديمة ونحرقها! حتى الكهرباء، رغم ندرتها، لم تمنع السوري من تشغيل الإنترنت عبر دينامو دراجة هوائية، أو تسخين الماء عبر ابتكار أفران شمسية تليق بجائزة نوبل للاختراعات الطارئة.

والأعجب من ذلك؟ السوري ما زال يضحك!

بعد كل هذا، السوري لا يزال يضحك. حتى في أقسى الظروف، ستجد نكتة عن الأزمة الاقتصادية، أو منشورًا ساخرًا عن وضع البلد، أو فيديو لشخص يحرق فواتير الكهرباء وهو يشرب المتة بكل هدوء. كيف؟ لا أحد يعلم، لكنه يحدث.

الخاتمة: نحن هنا.. ولن ننقرض!

ربما تكمن معجزة السوريين في قدرتهم على التكيف مع المستحيل، على تحويل الكارثة إلى مزحة، والفوضى إلى نظام غير مرئي، والمعاناة إلى مصدر للسخرية. نحن شعب تعلّم كيف ينجو من كل شيء، إلا من الحسّ الفكاهي الذي يرفض أن يموت. فهل نحن شعب عصيّ على الانقراض؟ على ما يبدو، نعم!

أضف تعليق