الصداقة بالدفع نقدًا… أما الشعب السوري، فله الشتاء!”

إيران التي كانت دائمًا تتحدث عن “دعمها للمقاومة” و”وقوفها إلى جانب حلفائها”، قررت أن حليفها في دمشق لم يعد يستحق سوى الفتات. فقد شهدت صادرات النفط الإيراني إلى الصين قفزة هائلة، بينما لم يصل إلى سوريا سوى بضع براميل بالكاد تكفي لتدفئة قصر الأسد، أما الشعب؟ فلينتظر في طوابير البنزين والمازوت.

في شهر أيلول/سبتمبر 2024، بينما كانت إيران ترسل 1.6 مليون برميل من النفط يوميًا إلى الصين، لم يكن نصيب سوريا سوى 35,099 برميلاً فقط. لكن لماذا؟ لأن الصين تدفع نقداً بالدولارات، بينما النظام السوري يعيش على “الخط الائتماني” الإيراني، وهو خط يبدو أنه يتقلص بسرعة كبيرة.

بشار والمازوت: لا مشكلة… طالما القصر دافئ

في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من ندرة الوقود وارتفاع الأسعار إلى أرقام فلكية، نجد الأسد يراقب الوضع دون اكتراث. فطالما أن القصر الرئاسي يتلقى حصته، فإن أزمات الشعب لا تعني له شيئًا. أسعار المازوت في السوق السوداء تلامس الـ 18 ألف ليرة للتر الواحد، والناس يواجهون شتاءً قارسًا دون تدفئة، لكن هذا لا يهم الحاكم السوري، الذي لم يكن في يوم من الأيام معنياً بما يعانيه شعبه.

الأمر واضح: إيران لا تعبأ بشعب سوريا، والأسد لا يعبأ بهم أيضًا. فما الذي تغير؟ ربما فقط أن الدولارات الصينية أبهرت طهران أكثر من الولاء الذي لطالما تظاهرت بدعمه في دمشق.

الصين أولًا… سوريا آخرًا

يبدو أن إيران وجدت نفسها في حيرة: هل تفضل الصين، التي تدفع نقدًا وتفتح أبواب أسواقها على مصراعيها، أم أنها تستمر في ضخ النفط إلى نظام الأسد الذي لا يملك إلا الوعود؟ الخيار كان واضحًا. الصداقة شيء، والدولارات شيء آخر تمامًا. سوريا كانت دائمًا مهمة لإيران، ولكن ليس بنفس أهمية العائدات الفورية التي تأتي من أكبر سوق نفطي في العالم.

وعندما نرى أن ناقلة نفط إيرانية واحدة فقط وصلت إلى بانياس في شهر أيلول، نعلم أن طهران قد اختارت وجهتها الجديدة. أما الأسد، فقد أُبقي له القليل، وربما لتذكيره بأن الصداقة مع إيران تأتي وفق شروط.

المازوت لقصرك يا سيادة الرئيس، أما الشعب فليبحث عن بدائل

بالطبع، لا يجب أن ننسى أن الأسد نفسه لم يكن يومًا معنياً بتأمين الوقود لشعبه. هو أولاً وأخيراً ضامن لتدفئة قصره ورفاهية نخبة النظام. وفي هذه الأثناء، يعيش المواطن السوري على أحلام الحصول على بضع لترات من المازوت أو البنزين، وينتظر وعودًا من حكومة تعرف جيدًا أن خزائنها فارغة إلا من الشعارات القديمة.

الأزمة ليست في طهران، فإيران لم تتغير؛ هي لا تزال تقدم المساعدات لمن يدفع أكثر. المشكلة في سوريا، حيث النظام الحاكم يرى أن الأولويات هي القصر، والموانئ الفخمة، وصفقات التهريب. فليستمر الشعب في انتظار دوره في طوابير الوقود، ولتستمر إيران في عدّ الدولارات القادمة من الشرق الأقصى.

في النهاية: النفط للصين… والشعارات لسوريا

إذا كان هناك درس يُستفاد من هذه القصة، فهو أن الصداقة بين إيران والأسد ليست إلا صداقة مصالح. فعندما جاءت الفرصة للحصول على أموال طائلة من الصين، لم تتردد طهران في تحويل وجهتها شرقًا، وتركت حليفها في دمشق يواجه أزماته وحده.

أضف تعليق