ارتفاع الأسعار: السوريون يودّعون بيوتهم… واللبنانيون يدخلون بأناقة

إن كنت تسكن في دمشق، أو بالأحرى إن كنت محظوظًا بما يكفي لتبقى في منزلك حتى الآن، فقد تكون سمعت عن تلك الزيادة الجنونية في أسعار العقارات. نعم، لقد ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 50% في بعض الأحياء، وأسباب ذلك واضحة: “اللبنانيون” قادمون، بجوازات سفرهم، وأموالهم التي تفوق قدرتنا نحن الفقراء السوريين!.

المالك الذي كنت تظن أنه لطيف ويحب مساعدتك، أخبرك فجأة أن الإيجار سيرتفع إلى 3 ملايين ليرة سورية. ولكن لا تقلق، هذا “ليس شخصيًا”، إنه فقط يستفيد من السوق الجديدة التي اجتاحت دمشق: “اللاجئون اللبنانيون بجشع سوري”.

تدفق النازحين اللبنانيين: سوريون يرحلون… واللبنانيون يتملكون

مشهد طرد مواطن سوري من شقته أصبح مشهدًا معتادًا. أحد السكان في جرمانا يقول بأسى: “قال لي صاحب البيت إنه سيؤجر الشقة للبنانيين، لأنهم يستطيعون دفع أكثر”. ومن هنا تبدأ المعادلة الجديدة في دمشق: اللبناني الذي يدفع، أفضل من السوري الذي يعاني.

الأمر أصبح مثل لعبة الكراسي الموسيقية، لكن الفرق أن الموسيقى هنا توقفت فجأة، وسوريون عاديون يجدون أنفسهم بلا كرسي. والسبب؟ لا ليس الحرب هذه المرة، بل الإيجارات المبالغ فيها.

تاجر عقارات مذهول: الجشع يحكم!”

حتى تجار العقارات أصبحوا مذهولين من هذا الجشع الفاحش. أحدهم في جرمانا عبّر عن استغرابه من ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 100%. المشكلة ليست فقط في ارتفاع الإيجارات، بل في تصرفات أصحاب العقارات الذين قرروا استغلال كل فرصة لزيادة ثرواتهم على حساب أشخاص لا يستطيعون حتى تأمين لقمة العيش.

“أين التكاتف؟”، يسأل تاجر العقارات ببراءة. لكن دعونا نكن واقعيين: في دمشق الجديدة، التكاتف أصبح مصطلحًا نادر الاستخدام، والجشع هو العملة الوحيدة التي لا تفقد قيمتها.

اللبنانيون الضحايا… أم الأثرياء؟

الجانب الأكثر سخرية هو أن الواجب يقول إنه يجب علينا التكاتف مع النازحين اللبنانيين. دعونا نساعدهم، يقول البعض! لكن على ما يبدو، اللبنانيين ليسوا بحاجة لمساعدتنا، بل نحن من بحاجة لمساعدتهم لدفع الإيجارات. أصبح الأمر مثل فيلم سريالي، حيث اللاجئ يأتي ليعطي، والمواطن يُطرد لأنه لا يستطيع الدفع.

يبدو أن الأزمة التي هرب منها اللبنانيون قد أوقعتنا في أزمة جديدة. فبينما نجدهم يبحثون عن سقف، نحن نبحث عن طعام، ومأوى، وأي شيء يخفف من وطأة العيش في هذا الجنون الذي نعيشه.

أضف تعليق