بزحام مؤلم خرج السوريون ذات يوم من بلادهم. كان الزحام يومها غبارًا من الخوف، وصفوفًا من الخسارة، وحقائب تجرّ خيباتها على أرصفة الحدود. لم يكن ذلك الزحام احتفالًا، بل كان طابورًا منكس الرأس يسير نحو المجهول، مطاردًا بالبراميل والغازات السامة والتقارير الأمنية والوجع. كان زحام الهاربين من الموت لا الباحثين عن الحياة. واليوم، بعد أكثر من عقد على الخروج الكبير، مشاهد العودة بدأت. مشاهد لعائلات تنزل من الحافلات، لأطفال يركضون على تراب الوطن لأول مرة، لرجال ونساء يعودون بخطى لا يعلوها الخوف، بل يحملها الحنين. لكن المدهش – أو الصادم – أن بعض الأصوات انزعجت من هذا الزحام الجديد. نعم، هناك من تغيظه عودة السوري إلى وطنه، كما تغذّى من قبل على تهجيره.
بين أنقاض الطغيان وأطلال الذكورة: حين تُبنى الأوطان وتُقصى النساء!
اللافت اليوم هو أن الذكورية لا تُطرح بوصفها عداءً مباشرًا للمرأة، بل بوصفها "واقعية سياسية" أو "منطق أولويات". يُقال مثلاً إن "المرحلة تتطلب الكفاءات بغض النظر عن النوع"، لكن عمليًا يتم استبعاد النساء من مواقع اتخاذ القرار تحت ذرائع مختلفة: قلة الخبرة، حاجة المجتمع للتماسك، تجنب "الإثارة الاجتماعية" أو حتى مجرد الخوف من النقد المحافظ. هكذا يتم إنتاج ذكورية ناعمة، لا تصطدم مباشرة بالشعارات الكبرى للحرية والمساواة، لكنها تفرغها من مضمونها العملي. فبدلًا من أن تكون المرأة شريكة فعلية في بناء المستقبل، تصبح جزءًا من الزينة الخطابية للعملية السياسية، تُذكر في المناسبات، وتُحتفى بها نظريًا، دون أن تُمنح المساحات الحقيقية لتغيير الواقع.
أمريكا… حين تدّعي الإنسانية وتترك أطفال سوريا للجوع
416 ألف طفل سوري يواجهون الجوع القاتل اليوم، وفقًا لتحذير رسمي من منظمة "أنقذوا الأطفال".
عن الأطفال الذين وُلِدوا في الحرب
حين يُولد طفل تحت القصف، لا يُسمع صراخه فقط، بل تُسجَّل أول هزيمة لطفولةٍ لم تبدأ بعد.
الثقافة السورية.. هل تتحرر أخيراً من سطوة السلطة والخوف؟
عندما نتحدث عن الثقافة السورية، فإننا نتحدث عن أكثر من مجرد فنون أو موسيقى أو مسرح؛ إنها روح مجتمعٍ عاش تحت وطأة القمع لعقود، ومرّ بسنواتٍ من الحرب، وعانى من أزمة اقتصادية خانقة جعلت من الإبداع ترفًا لا يجرؤ كثيرون على التفكير فيه. واليوم، مع انهيار النظام الذي كان يفرض سطوته على المشهد الثقافي، يبرز التساؤل الأهم:
الهوية السورية بعد الحرب: كيف نعيد بناء النسيج الاجتماعي؟
بعد أكثر من عقد من الدم والدمار، تبدو الهوية السورية كمرآة محطّمة تعكس أجزاء متنافرة من مجتمع كان يومًا ما متماسكًا رغم هشاشته. الحرب لم تكن مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل كانت زلزالًا ضرب البنية العميقة للمجتمع السوري، فتشظى إلى طوائف ومذاهب، مناطق وولاءات، خطوط تماس بين جيران الأمس.
