اللافت اليوم هو أن الذكورية لا تُطرح بوصفها عداءً مباشرًا للمرأة، بل بوصفها "واقعية سياسية" أو "منطق أولويات". يُقال مثلاً إن "المرحلة تتطلب الكفاءات بغض النظر عن النوع"، لكن عمليًا يتم استبعاد النساء من مواقع اتخاذ القرار تحت ذرائع مختلفة: قلة الخبرة، حاجة المجتمع للتماسك، تجنب "الإثارة الاجتماعية" أو حتى مجرد الخوف من النقد المحافظ. هكذا يتم إنتاج ذكورية ناعمة، لا تصطدم مباشرة بالشعارات الكبرى للحرية والمساواة، لكنها تفرغها من مضمونها العملي. فبدلًا من أن تكون المرأة شريكة فعلية في بناء المستقبل، تصبح جزءًا من الزينة الخطابية للعملية السياسية، تُذكر في المناسبات، وتُحتفى بها نظريًا، دون أن تُمنح المساحات الحقيقية لتغيير الواقع.
