علينا أن نوقف نزيف الدم، وأن نبحث عن آلية للحوار تتيح لنا تجاوز هذه المرحلة العنيفة. لا بد أن ننتقل من صراع السلاح إلى صراع الأفكار، حيث يكون الاختلاف في الآراء جزءًا من الحياة السياسية، لا مبررًا للقتل. يجب أن نؤسس لبلد تكون فيه السلطة خيارًا ديمقراطيًا، وليس خيار الأقوى.

سنوات الرعب والصمت المفروض

لم تكن السنوات الأربع عشرة الماضية وحدها حقبة من القمع والخوف، بل امتدت لأكثر من نصف قرن من الرعب. لا يحق لأحد أن يلوم من لم يتحدث، فقد كان النظام المجرم يحكم بالحديد والنار، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. منا من امتلك الشجاعة وتحدث، ومنا من لم يستطع لكنه كان في داخله يدرك إجرام وفساد النظام المخلوع. اليوم، يملك الجميع الحق في التعبير دون خوف، فلا يجب أن نسخر ممن يتكلم الآن بعد صمته في الماضي. الثورة جاءت لتحرر الجميع، لا لتقسمهم.

أحداث الساحل: من وراء التصعيد؟

في الأيام الأخيرة، شهد الساحل السوري توترات متزايدة. من الواضح أن فلول النظام ومن يدعمهم يقفون وراء الأحداث، فالأشهر الأولى بعد سقوط الطاغية لم تشهد سوى تجاوزات فردية، أما الآن، فقد بدأ القتل والجرائم تتزايد. لكن هذا لا يعفي الجهات الأمنية والفصائل المسلحة من مسؤوليتها، فبعضها ارتكب ممارسات إجرامية وطائفية لا يمكن تبريرها.

الإعلام والتضليل الممنهج

لا يمكن تجاهل دور الآلة الإعلامية في تضليل الرأي العام، حيث تُبث صور وفيديوهات مفبركة، معظمها لمجازر سابقة ارتكبها نظام الأسد في محافظات سورية أخرى، أو حتى صور من خارج سوريا تُنسب زورًا إلى الأحداث الجارية. هذا التضليل يزيد من تعقيد المشهد، ويستغل الجراح لصالح أجندات مشبوهة.

العدالة للجميع

الرحمة لكل من قُتل، سواء من المدنيين أو من عناصر الأمن، ومحاسبة المجرمين يجب أن تكون أولوية لا جدال فيها. لا يمكن بناء مستقبل جديد دون عدالة، ودون كشف الحقيقة.

أحمد الشرع: خطاب غير مسبوق

خلال الأيام الثلاثة الماضية، خرج أحمد الشرع بأكثر من خطاب، وكان آخرها الأكثر جرأة، وهو أمر لم نشهده في عهدي الأسد الأب والابن. تحدث عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وتوعد بمحاسبة المتجاوزين، سواء كانوا من فلول النظام أو من القوات الأمنية والفصائل. لم ينكر الشرع الأحداث كما فعل من سبقوه، بل عزّى السوريين في الضحايا، واتصل هاتفيًا بذوي بعض القتلى، في خطوة غير معهودة في الحكم السابق.

الصيادون في الماء العكر

لمن يحاولون تشويه الحقائق، موقفي لم يتغير. كنت معارضًا للنظام منذ نشأتي، واعتُقلت من قلب جامعة دمشق عام 2003، أي قبل الثورة بثماني سنوات. وبعد الثورة، كنت وما زلت معارضًا للجولاني، ولا أتفق معه فكريًا أو عقائديًا. لكن هذا لا يعني أنني سأغض الطرف عن الحقيقة. قول الحق واجب، حتى وإن لم يعجب الجميع.

أضف تعليق