في أوج سنوات الألم والمعاناة، حين كانت السماء تمطر ناراً والأرض تضج بالدماء، بدت كلمات سعد الله ونوس وكأنها بقايا حلم ضائع: “إننا محكومون بالأمل. وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ.” كانت سوريا آنذاك محاصرة باليأس، غارقة في الاستبداد، وأصوات الحق فيها تُسحق تحت وطأة الطغيان. لكننا تمسكنا بالأمل، كما لو كان حبل النجاة الأخير في بحر الظلمات.

كان أدب سعد الله ونوس ومسرحه مرآة تعكس واقع الإنسان السوري المعذب، لكنه لم يكن أبداً مسرحاً للاستسلام. في مسرحياته، مثل “طقوس الإشارات والتحولات” و”الملك هو الملك”، صوّر السلطة كنظام مشوه يغتال الحرية، لكنه زرع أيضاً بذور التمرد والإصرار على الكرامة. كان ونوس يحذرنا من أن الطغاة يحاولون إقناعنا بأن وجودهم أبدي، لكن المسرح، الذي وصفه بأنه “احتفال للحياة”، يذكرنا دوماً بأن التغيير ممكن، وأن كل نهاية هي بداية لشيء جديد.
سوريا ما بعد الطغيان
اليوم، وبعد سنوات من الكفاح والتضحيات، تحررت سوريا من قبضة الاستبداد. لم يكن التحرير مجرد إزالة نظام حكم، بل كان ولادة جديدة لوطنٍ آمن أفراده بأن الحرية حق وليست رفاهية، وأن الكرامة لا تُمنح بل تُنتزع. كان الأسد وأعوانه يحاولون رسم سوريا كلوحة قاتمة بلا مستقبل، لكن الشعب السوري، الذي كتب تاريخه بدماء الشهداء، أثبت أن الأمل ليس مجرد شعار، بل قوة قادرة على زحزحة الجبال.
الأمل الذي قادنا إلى النصر
لم يكن الأمل مجرد شعور عابر، بل كان عقيدة تسري في عروقنا. في أحلك اللحظات، حين بدا أن الطغاة انتصروا، كنا نحمل في قلوبنا كلمات ونوس، ونرددها كأنها صلاة: “ما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ.” وبالفعل، لم يكن ما فعله الأسد سوى فصل مؤلم في رواية الشعب السوري، رواية كان عنوانها وما زال: الحرية.
سعد الله ونوس: شاهد على النصر
لو كان سعد الله ونوس بيننا اليوم، لكان يقف على خشبة المسرح، يتلو قصص التحرير والانتصار، ويؤكد لنا أن الأمل كان دائماً هو المفتاح. في السماء، ربما ينظر إلينا مبتسماً، راضياً بأن كلماته لم تكن مجرد حلم كاتب، بل كانت شعلة حملها السوريون في طريقهم نحو التحرير.
سوريا الجديدة: بداية التاريخ
إن انتصار سوريا ليس نهاية التاريخ، بل بدايته. إنه إعلان بأن الشعوب، مهما طال قهرها، قادرة على التحرر. اليوم، يبدأ السوريون كتابة فصل جديد من تاريخهم، فصل يتحدث عن العدالة، الحرية، والكرامة، ويؤكد أن الأمل، مهما بدا بعيداً، يمكن أن يصبح واقعاً.
سوريا المحررة اليوم هي أكبر دليل على أن الأمل ليس وهماً، بل هو الحقيقة الوحيدة التي تستحق أن نحيا من أجلها.
