شهدت الساعات الأخيرة تداولاً واسعاً لفيديو يُظهر الفنان السوري عبد المنعم عمايري في حالة جدلية أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإن القصة الحقيقية وراء الفيديو وما حدث في الأيام التي تلت ذلك تختلف بشكل كبير عما تم تداوله على المنصات.
القصة الكاملة من مصادر موثوقة
الفيديو الأول: المصدر يؤكد أن الفيديو الذي انتشر لم يكن له علاقة مباشرة بالحادثة التي أُثيرت لاحقاً. الفيديو المُسرب صُوّر قبل أيام من الحادثة، حيث كان عبد المنعم عمايري في سيارته برفقة ابنته. وبحسب المعلومات، كان في حالة سُكر، وبدأ بإطلاق كلمات نابية وكفر. ورغم تصاعد حدة صوته، فإن عناصر الإدارة الجديدة الذين كانوا متواجدين لم يتعرضوا له بأي أذى. الحدث اقتصر على ملاسنة بسيطة دون أي تطور جسدي.
الحادثة الفعلية: القصة الحقيقية وقعت بعد عدة أيام، على باب مدخل بناء طليقته الفنانة أمل عرفة. كان عبد المنعم قد حضر إلى المكان وتبادل الحديث مع الناطور وعنصر الحراسة. بدأ النقاش بهدوء عندما تحدث عن الأوضاع العامة قائلاً: “الحمد لله أننا خلصنا من بشار الأسد”. ومع استمرار الحديث، تطور كلامه إلى قول: “يلعن رب بشار الأسد”.
هذا التصريح أثار استياء العنصر، فهمس الناطور له قائلاً: “أستاذ، بلا كفريات”، في محاولة لتهدئته. لكن عبد المنعم استشاط غضباً ورد قائلاً: “نحن ببلد حر، أقول ما أريده”.

في تلك اللحظة، كان أحد القادة العسكريين (الذي يسكن في نفس البناية التي كان يسكنها ضباط النظام السابقين) قد سمع ما جرى. ومع انتشار رائحة الكحول الواضحة من عبد المنعم، استشاط القائد غضباً ونزل ليواجهه، وانتهى الأمر بأن قام بضربه. لاحقاً، الناطور تواصل مع أفراد عائلة عبد المنعم الذين حضروا إلى المكان ووجدوه على الأرض.
تاريخ من الحوادث المشابهة
بحسب المصدر، فإن الحادثة الأخيرة ليست الأولى من نوعها بالنسبة لعبد المنعم عمايري. تعرض للضرب عدة مرات في الماضي قبل سقوط النظام.
- مرة أمام فندق الشام من قبل أحد العسكريين.
- مرة أخرى في أحد البارات.
كما أن لديه العديد من القصص المشابهة التي أُثيرت حوله، ما يجعل الحادثة الأخيرة غير مستغربة بالنسبة لمن يعرفون تاريخه.
إدانة العنف
رغم كل ما ورد، يجب التأكيد على أن ضرب أي إنسان، بغض النظر عن سلوكه، أمر مرفوض أخلاقيًا وقانونيًا. إذا كان هناك أي مشكلة مع شخص ما، فإن المكان الصحيح لحلها هو القضاء وليس استخدام العنف. المجتمع الذي يسعى لتحقيق العدالة يجب أن يعزز القانون لا أن يشرّع القوة المفرطة أو التعدي.
الضخ الإعلامي
الملفت في هذه الحادثة هو الضخ الإعلامي الكبير الذي قامت به طليقة عبد المنعم عمايري وابنته، حيث سارعوا للتنديد بما حدث وتسليط الضوء عليه. المفارقة هنا أن عمايري تعرض لمواقف مشابهة سابقًا، ولم يجرؤ أحد على الحديث عنها أو الدفاع عنه.
يمكن تفسير هذا التغير بأن الثورة السورية أعطت الجميع مساحة للتعبير عن آرائهم دون خوف. لكن هذا أيضًا يكشف عن حالة من النفاق الاجتماعي، حيث يتم استغلال بعض القضايا لتصفية الحسابات أو إثارة الجدل. العائلة التي التزمت الصمت سابقًا عندما تعرض عمايري للضرب في عهد النظام البائد، باتت الآن أكثر جرأة في التعبير، مما يعكس تغيرًا في المشهد الاجتماعي والسياسي.
قراءة في الواقعة
الجدل الذي أثارته الحادثة يكشف مرة أخرى عن هشاشة الوضع الاجتماعي في سوريا، حيث تتشابك القضايا الشخصية مع التوترات السياسية. كما يعكس الحادثة انقساماً بين الأفراد حول حدود التعبير عن الرأي، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة.
في النهاية، يبقى ما حدث لعبد المنعم عمايري قضية تمثل تعقيد العلاقة بين الفن والسياسة في سوريا، وتفتح المجال للتساؤل حول حرية التعبير وحدودها في بلد يرزح تحت أعباء التغيير السياسي والاجتماعي.
