إذا كنت تحلم بأن تصبح “مؤثرًا” على وسائل التواصل الاجتماعي دون الحاجة لتقديم أي محتوى مفيد أو ذي قيمة، فلا تقلق! في عصرنا الحالي، بات التأثير لا علاقة له بالإبداع أو الفكر أو حتى الذوق. عليك فقط اتباع بعض الخطوات البسيطة التي سنقدمها في هذا الدليل، المستوحى من بعض “النجاحات الباهرة” لزملاء مؤثرين اجتاحوا دمشق مؤخرًا، وتركوا خلفهم موجة من التساؤلات، الضحك، والكارثة.

1. العب على وتر “الاستعراض”

أول قاعدة: الأهم هو المظهر، لا الجوهر. قم بزيارة الأماكن التي تعتقد أن لها قيمة رمزية كبيرة (مثل القصر الجمهوري، أو السجون ذات السمعة السيئة)، ولكن دون أن تفهم أو تعبر عن أي شيء حقيقي. فقط التقط الصور بإضاءة مثالية وزاوية تعزز “شخصيتك” المؤثرة. هل تحتاج لطرح أسئلة عميقة؟ بالطبع لا. الابتسامة تكفي.

مثلًا، لا بأس أن تتصور مبتسمًا أمام سجن صيدنايا أو القصر الرئاسي في دمشق وتكتب تعليقًا ساذجًا مثل: “تجربة رائعة ومميزة”. من يهتم بالخلفيات التاريخية أو المعاناة التي رافقت هذه الأماكن؟ المهم أن “المحتوى” جذاب!

2. تظاهر بالحكمة عبر تعليقات ركيكة

أحيانًا، كل ما تحتاجه هو اقتباس من نوعية:
“الجمال يكمن في التفاصيل الصغيرة… وأحيانًا في الأماكن الكبيرة”.
لا تقلق، لا أحد سيحلل هذا الكلام، المهم أنك تبدو عميقًا (ولو قليلاً). إذا زرت سجنًا أو منشأة معروفة بالقمع، حاول أن تكتب:
“كل جدار هنا له قصة، لكن اليوم نحاول أن نعيش الحاضر”.
وإذا انتقدك أحد، اتهمه بأنه “لا يقدر جمال اللحظة” أو بأنه “حاقد وغير إيجابي”.

3. استغل التراجيديا لصالحك

أحداث مأساوية؟ لا بأس، فرصة جديدة للشهرة. كما فعل أحد الشيفات المؤثرين مؤخرًا عندما تسبب بحادث تدافع مأساوي أودى بحياة أربعة أشخاص أمام الجامع الأموي. الترويج لفيديو عن الطبخ في أحد الأماكن المقدسة؟ فكرة مثالية لجذب الانتباه، حتى لو كانت العواقب كارثية.

النصيحة هنا بسيطة: لا تعتذر أو تتحمل المسؤولية. على العكس، يمكنك التحدث عن “نية الخير” التي دفعتك للقيام بهذه الفعالية، ثم تذكر أن الحادثة “ليست مسؤوليتك”، وألقِ اللوم على الحشود!

4. العب دور السائح المبهور

أنت لا تحتاج أن تكون على دراية بالمكان الذي تزوره. كل ما عليك هو أن تبدو مندهشًا أمام الكاميرا. ارفع صوتك قليلًا وقل: “واو، هذا المكان مذهل جدًا، لم أكن أتوقع أن أرى شيئًا كهذا في حياتي!”

زر أماكن مشحونة بالرمزية، مثل السجون أو مواقع الدمار، واعتبرها مجرد “وجهة سياحية”، تمامًا كما فعل المؤثرون الذين جالوا في السجون السورية والتقطوا الصور وكأنها أجنحة فندقية.

5. دع الآخرين يكتبون عنك

لا تنشغل كثيرًا بتقديم محتوى. ما عليك سوى إثارة الجدل، وسيتكفل الإنترنت بالباقي. اجعل الآخرين يكتبون عنك، سواء بالنقد أو الاستهزاء. المهم أن اسمك يتردد. المؤثر الحقيقي لا يحتاج أن يكون محبوبًا، يكفي أن يكون حديث الناس.

6. كيف تصبح ضيفًا في أماكن السلطة؟

إذا أردت أن تضيف إلى سجلّك رحلة إلى القصور والمقرات الحكومية، تواصل مع الجهات التي تحب تسليط الضوء على “وجهها الجميل” أمام العالم. لا يهم إذا كان هذا المكان مرتبطًا بانتهاكات أو تاريخ مليء بالقمع، المهم أن تظهر وأنت “مبتسم” وتشعر بأنك في مركز العالم.

7. التجاهل سيد الموقف

عندما تُثار عاصفة من الانتقادات ضدك، لا تضيع وقتك بالرد أو الدفاع. ركز على ما هو أهم: إعلانات جديدة، وشراكات مع شركات لا تهتم سوى بعدد متابعيك. العالم سينسى، وستبقى على القمة (ولو خالية من المحتوى).

في النهاية… كن صورة دون مضمون

في عالم المؤثرين الجدد، القاعدة الذهبية هي أن تبدو مشغولًا بينما لا تقدم شيئًا. أنت لا تحتاج إلى فكرة، رسالة، أو حتى أخلاق. يكفي أن تكون في المكان المناسب أمام الكاميرا الصحيحة.
أما إذا أردت أن تترك أثرًا حقيقيًا، فهذا للأسف ليس ضمن اختصاص “المؤثرين بلا تأثير”.

أضف تعليق