في هذا المناخ المشوه، تصدر المشهد فنانون مثل علي الديك وأغانٍ مثل “الحاصودة”، ليتم استبدال الفن الراقي بخطاب رخيص ومبتذل يخدم السلطة. أما الأصوات الحرة التي رفضت السير في هذا الطريق، مثل الفنانة لبانة قنطار، فقد دفعت ثمن استقلاليتها، وتم إقصاؤها عن المشهد الفني، تاركة فراغًا كبيرًا في عالم الموسيقى السورية.


لبانة قنطار: صوت الفن الحر

لبانة قنطار لم تكن مجرد مغنية ذات صوت عذب، بل كانت حارسة للروح الموسيقية السورية. من خلال أدائها للأغاني الكلاسيكية والمقطوعات الأصيلة، أصبحت قنطار رمزًا لفنانة اختارت الحرية على الشهرة. لم ترضخ لإغراءات النظام، ولم تنحنِ أمامه كما فعل كثيرون ممن ربطوا الفن بالخضوع والطغيان.

كانت قنطار تدرك أن الفن يحمل رسالة، وأن الغناء ليس مجرد كلمات تُقال، بل وسيلة لإلهام الشعب وتعزيز قيمه وهويته. ولهذا، عندما حاول النظام تحويل الفن إلى أداة لتجميل صورته، اختارت أن تبتعد، محافظةً على نقاء صوتها ومبادئها. إقصاءها لم يكن مجرد عقوبة لفنانة، بل محاولة لطمس وجه سوريا الموسيقي الحقيقي.


دور لبانة قنطار في سوريا الجديدة

سوريا بعد الحرية تحتاج إلى فنانين مثل لبانة قنطار، الذين يمثلون جوهر الثقافة السورية الأصيلة. وجودها وأمثالها سيكون دافعًا لإعادة بناء المشهد الثقافي والفني على أسس من الحرية والإبداع. بفضلها، ستعود الموسيقى لتكون لغةً تعبر عن آلام الشعب وآماله، وليس وسيلةً للتضليل والدعاية.

لبانة قنطار ليست فقط فنانة مبدعة؛ بل هي رمزٌ للصمود الثقافي في وجه التهميش. في سوريا الجديدة، لن يكون مكانٌ للفن الهابط الذي صنعه النظام، بل للفن الذي ينبع من أصالة الشعب وثقافته.


سوريا القادمة: بين الهبوط والصعود

مع سقوط النظام، سيختفي الفنانون الذين جعلوا من أنفسهم أبواقًا للاستبداد، لأنهم لا يملكون شيئًا حقيقيًا يقدمونه سوى أغنياتٍ جوفاء. أما من مثل لبانة قنطار، فسيعيدون بناء المشهد الفني ليعكس تطلعات الشعب وحقيقته. سيكون صوتها وصوت أمثالها هو الأمل في استعادة مكانة سوريا كواحدة من أهم مراكز الفن في العالم العربي.

الفن السوري الجديد سيعبر عن عمق الهوية وثراء الثقافة، ولن يكون ساحةً لأغانٍ بلا مضمون أو هدف. بوجود لبانة قنطار، ستصبح سوريا أرضًا للموسيقى التي تلهم وتُلهب، وتُبقي الشعلة الثقافية متقدة للأجيال القادمة.


الختام: الفن والحرية وجهان لعملة واحدة

لبانة قنطار ليست فقط فنانة؛ بل هي شهادة على أن الحرية والفن لا ينفصلان. في سوريا الجديدة، سيكون لفنانين مثلها دور محوري في إعادة صياغة الهوية الثقافية، بعيدًا عن تشوهات النظام واستبداده. إن سقوط الأسد لن يعني فقط نهاية حقبة من الاستبداد السياسي، بل أيضًا بداية نهضة فنية تعيد للفن السوري مكانته، وتُبرز أمثال لبانة قنطار كرموز للحرية والإبداع.

أضف تعليق