في إحدى الزوايا المظلمة من مصباح زيتي قديم مهمل، جلس المارد “فرغالي” يلعق جروحه. لم يكن هذا المصباح كأي مصباح، فقد كان بيتًا لمارد عاش أكثر من ألف عام يحقق أمنيات البشر. ولكن الأيام الأخيرة كانت أشبه بجحيم.
“لقد تغير البشر،” تمتم فرغالي لنفسه، وهو يفتح تويتر على هاتفه السحري. “كل أمنياتهم أصبحت سخيفة: ‘أريد مليون متابع’، ‘أريد أن أبدو مثل فلتر إنستغرام’، ‘أريد أن يفوز فريقي على ريال مدريد’… أين أيام ‘أريد إنقاذ قريتي من الجفاف’؟”
وهكذا، بعد تحقيق أمنية أخيرة لشاب أراد أن “يصبح أشهر شخص في الحي”، مما انتهى به ليتحول إلى صورة متحركة على إعلان بقالة محلية، قرر فرغالي التقاعد.
جمع فرغالي أصدقاءه المردة في مغارة مهجورة:
- فرغالي: “أيها المردة الأعزاء، قررت أن أترك هذا العمل. لقد طفح الكيل.”
- المارد لطفي: “ولكن يا فرغالي، ماذا ستفعل؟ السحر في دمك!”
- فرغالي: “سأفتح قهوة في دبي. لدي فكرة لتقديم القهوة في أكواب تطير. البشر سيدفعون أي مبلغ إذا جعلتهم يشعرون بأنهم مميزون.”
صفق المردة لفكرته، لكن لطفي لم يكن مقتنعًا:
- لطفي: “هل ستترك كل هذه المتعة؟ لقد كنا نضحك معك عندما منحت أحدهم أمنية أن يربح اليانصيب، ولكنه تلقى المبلغ كله في عملات نحاسية!”
ضحك الجميع، لكن فرغالي أضاف:
- فرغالي: “أريد أن أجعلهم يدفعون ثمن سخافاتهم. سأمنحهم أمنياتهم، لكن بطريقتي الخاصة. لنعلم البشر درسًا!”
عاد فرغالي إلى المصباح، لكنه قرر إضافة عنصر جديد إلى نظام الأمنيات: سوء النية.
الأمنية الأولى كانت لرجل أعمال شاب يدعى “رامي”، الذي أراد أن يصبح أغنى رجل في العالم.
- رامي: “أيها المارد، أريد المال… أطنانًا من المال!”
- فرغالي: “حاضر.”
في اليوم التالي، استيقظ رامي ليجد منزله مليئًا بأكياس البلاستيك مكتوب عليها “مال”. نعم، لقد حول المارد أمنية المال إلى أكياس نفايات يعجز عن التخلص منها.
الأمنية الثانية جاءت من “نورا”، التي أرادت أن تصبح مشهورة على إنستغرام.
- نورا: “أيها المارد، أريد أن يحبني الجميع!”
- فرغالي: “فهمتك، سأجعلك أيقونة!”
في لحظة، تحولت نورا إلى عمود إضاءة بشري في منتصف الطريق العام. الجميع توقفوا لالتقاط الصور معها، لكن لا أحد حاول إنقاذها من مصيرها البراق.
بدأت شكاوى البشر تتصاعد، وقرروا مواجهة المارد في المصباح.
شاب غاضب: “أيها المارد، لقد دمرت حياتي! أردت سيارة أحلامي، وأعطيتني سيارة تلحق بي أينما ذهبت!”
- فرغالي: “طلبت سيارة تبقى معك دائمًا. أين المشكلة؟”
صرخت فتاة أخرى: “أردت قوامًا مثاليًا، فحولتني إلى دمية بلاستيكية!”
- فرغالي: “قوامك مثالي الآن، ولا تحتاجين إلى أي وجبات خفيفة. توفير كبير!”
قرر البشر أن يتوقفوا عن طلب الأمنيات. لكن المارد فرغالي لم يكن مستعدًا للتوقف عن المرح. فتح مقهى “المارد الساخر” وقدم قائمة من “الأمنيات الجاهزة”:
- “مشروب الشهرة المرة.”
- “كوب الفشل المدوي.”
- “كيكة الغرور الزلقة.”
وأصبح فرغالي أشهر مارد في العالم. البشر أحبوه، لكنهم لم يعودوا يجرؤون على طلب أي شيء. وهكذا، استمتع فرغالي بتقاعده الانتقامي في عالم لا يتوقف عن البحث عن السعادة… ولو على حساب المنطق!
