سرابيا: صوت شاب ينبض بالأدب
خلال زيارتي لمعرض الكتاب في عنتاب، لفت نظري شابة صغيرة لا تتجاوز السابعة عشرة من العمر، تقف في الجناح 31، جناح دار نون 4. كانت مفعمة بحيوية الشباب، تنبض بالطاقة والإصرار، وكأنها ترحب بكل من يقترب من جناحها. بعد دقائق قليلة، اكتشفت أنها ليست مجرد زائرة للمعرض، بل كاتبة ناشئة. وفي هذا المعرض تحديدًا، كانت تحتفل بنشر أولى رواياتها سرابيا.
سرابيا: حكاية الحب والألم
رواية سرابيا هي انعكاس لعالم الشباب، حيث الحب يمتزج بالألم، والبحث عن الذات يصطدم بالواقع. بأسلوب سلس ومحبب، تمكنت سارة السيد علي من تقديم قصة قريبة من قلوب المراهقين، تحاكي مشاعرهم وأفكارهم وتحدياتهم. على امتداد 108 صفحة، تروي سرابيا قصة فتاة تحمل في طياتها مزيجًا من الأحلام والآلام، محاولة أن تجد طريقها في عالم مليء بالصراعات الداخلية والخارجية.
اللغة التي استخدمتها سارة هي لغة “الجيل”، لغة مباشرة وسهلة، لكنها تحمل بين السطور عمقًا نفسيًا يلامس القارئ. هذا المزيج بين البساطة والعمق جعل الرواية ليست فقط جاذبة للمراهقين، بل أيضًا للكبار الذين يرغبون في استرجاع مشاعر الشباب وفهمها بشكل أوضح.
دور الأهل: الحاضن الأول للإبداع
ما يميز قصة سارة ليس فقط الرواية التي كتبتها، بل الرحلة التي أوصلتها إلى نشرها. خلف هذا النجاح وقفت عائلة تؤمن بموهبتها، رغم صغر سنها. وسط التحديات التي قد تواجه أي كاتب ناشئ، أظهرت عائلة سارة إيمانًا قويًا بموهبتها، وعملوا على دعمها ونشر روايتها. هذا الإيمان العائلي يمثل درسًا لكل الأهل: الموهبة لا تعرف عمرًا، ودعم الأبناء في شغفهم هو مفتاح نجاحهم.
دار نون 4: بوابة العبور للأحلام
لم يكن خروج سرابيا للنور ممكنًا دون تبني دار نون 4 لهذا العمل. في زمن قد يغلب فيه التركيز على الأسماء الكبيرة، كان اختيار الدار لدعم شابة ناشئة خطوة شجاعة تعكس إيمانها بضرورة إفساح المجال للأصوات الجديدة. هذا الدعم يمثل نقطة انطلاق لسارة ولغيرها من الشباب الطموحين.
لماذا كتبت عن رواية سرابيا؟
في عالم مليء بالأصوات الأدبية الكبيرة والتجارب المخضرمة، لفتتني رواية سرابيا لثلاثة أسباب، الأول هو شجاعة كاتبتها الشابة، سارة السيد علي، التي اختارت أن تبدأ رحلتها الأدبية وهي في عمر السابعة عشرة فقط. في وقت قد ينشغل فيه أقرانها وسائل التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا، قررت سارة أن تسلك طريق الإبداع والتعبير عن مشاعر جيلها من خلال الكتابة.
السبب الثاني هو إيمان دار نون 4 بهذه الموهبة الشابة. في زمن قد يهمش فيه الشباب وتُغلق الأبواب أمام أحلامهم، تأتي هذه الدار لتثبت أن الأدب العربي بحاجة إلى أصوات جديدة تحمل نبض المراهقة وحيويتها. لقد كتبت عن سرابيا لأنها تمثل نموذجًا للجرأة الأدبية، ليس فقط من كاتبتها، بل من الداعمين لها أيضًا، سواء كانوا عائلتها أو دار النشر.
وأخيرًا، وهو السبب الشخصي.. أكتب عن سرابيا لإيماني العميق بأن الشباب هم المستقبل. هم من يحملون في قلوبهم طاقة التغيير والإبداع، وهم من يستطيعون تقديم نظرة جديدة ومختلفة للعالم. دعم الشباب في مشاريعهم وأحلامهم، سواء في الأدب أو غيره، هو استثمار في غد أفضل، مليء بالأفكار الجديدة والطاقات المتجددة التي يمكن أن تعيد صياغة حاضرنا ومستقبلنا.
رواية سرابيا ليست فقط قصة حب وألم؛ إنها رسالة أمل ودعوة للتفكير في أهمية احتضان الشباب وإيماننا بقدرتهم على صنع الفارق.
ختامًا: إشراقة جديدة في الأدب العربي
في عالم الأدب، قد تكون الموهبة موجودة في كل مكان، لكن الإيمان والدعم هما ما يحولانها إلى واقع ملموس. رواية سرابيا هي أكثر من مجرد كتاب؛ إنها رسالة بأن الشباب، رغم صغر سنهم، يحملون في داخلهم عوالم تستحق أن تُقرأ وتُسمع. شكراً لسارة السيد علي لأنها أضافت صوتًا جديدًا للأدب، وشكرًا لكل من دعمها لتحقق حلمها. الأدب العربي بحاجة لهذه الأصوات الجديدة، وسرابيا هي بداية لقصة نجاح قد تلهم الكثيرين.

