من الذي اخترع الريلز؟ ولماذا يريدنا أن نظل جالسين؟

كلما شاهدت ريلًا سخيفًا عن كيفية تنظيف زوايا البيت باستخدام فرشاة الأسنان، تساءلت: “من الذي يخترع هذه الأفكار؟” إنه ذاك العقل المدبر الذي فهم أننا أمة تعشق التسلية الفورية، وأننا نبحث عن محتوى لا يستغرق فهمه سوى ثلاث ثوانٍ قبل أن ننتقل لشيء آخر. وهكذا ظهر الريلز ليُشبع هذا الجوع الفوري. بفضل هذه المعجزة العصرية، لم نعد بحاجة إلى البحث عن الترفيه في الكتب أو الأفلام الطويلة. ثلاثة إلى خمسة عشر ثانية كافية لنحصل على جرعتنا اليومية من الهزلية والتفاهة، ونترك عقولنا تنزلق في دوامة لا نهاية لها.

“مشاهدة سريعة”… لأن ما نحتاجه هو المزيد من السرعة

العبقرية تكمن في الإيحاء بأن المشاهدة ستكون “سريعة”. كيف لا وقد صُممت الريلز لتبدأ فورًا، فلا نضيع وقتنا حتى في الضغط على زر “بلاي”. كل ما علينا هو أن ننظر، والخوارزمية تأخذ بيدنا كمرشد سياحي في جولة سريعة بين “الحياة المثالية”، حيث الجميع جميل ومضحك، والطعام دائمًا مثالي، والجميع يعرف كيف يرقص باحتراف. خلال كل ريل جديد، تصدر خوارزميات التطبيقات أمراً غير مكتوب: “ابقَ هنا. تابع. ماذا لو كان الريل التالي أفضل؟”

لماذا يشبه إدمان الريلز فتح باب الثلاجة بدون سبب؟

تخيل أنك تقف أمام الثلاجة تفتح الباب بلا هدف، وتحدق في محتوياتها دون أن تأخذ شيئًا. ثم تغلقها وتفتحها مرة أخرى. إدمان الريلز مشابه تمامًا؛ في كل مرة تمسك فيها الهاتف، تأمل أن تجد “ريل” يغير حياتك. ولكن، بدلًا من ذلك، تجد نفسك تُحدق في وصفة لتحضير الكوسا المحشية، أو تحديات لا معنى لها كـ”قفزة الأرنب”، أو نصائح لزيادة طول الرموش. نحن ندرك أنها لحظات غير مثمرة، لكننا نعود ونكررها بشكل غريب، وكأننا نفتح باب الثلاجة مرة أخرى بآمال جديدة.

المشكلة تكمن في “الريل القادم”!

سر إدمان الريلز يكمن في فكرة “الريل القادم”، هذا الريل السحري الذي نعتقد أنه سيفوق كل ما شاهدناه من قبل. إنه الأمل في أن المحتوى سيصبح أروع، أكثر طرافة، أكثر جنونًا، وربما يحتوي على معلومة تغير مجرى حياتنا… لكن الحقيقة؟ كل ريل جديد هو مجرد نسخة مختصرة من حياة الآخرين المثالية. حتى المشهد الذي يقضي فيه أحدهم خمس ثوانٍ بارتشاف قهوته الصباحية يبدو وكأنه إنجاز كبير، ونحن نجلس نشاهد باهتمام ونفكر: “ربما سأكون أنا أيضًا شخصًا رائعًا عندما أرتشف قهوتي!”

ماذا نستفيد؟ سأتفكر بالأمر عندما أنتهي من الريل

لو سألتَ أي مدمن ريلز: “ماذا استفدت من متابعة هذه المقاطع بلا توقف؟”، فقد تجد صعوبة في الحصول على إجابة واضحة. لكن لا بأس، نحن لا ندخل تيك توك أو إنستغرام للاستفادة، بل لنشاهد الناس يقومون بأشياء لا تخطر على البال! حيث نرى وصفات طهي معقدة لن نطبخها، وحركات رقص لا نعرفها، وأفكار تنظيم منزلية لا تناسب منازلنا الصغيرة. المهم أننا لا نفكر في الأسئلة الكبيرة ونحن مشغولون بإحصاء “اللايكات” و”المشاهدات” وكأنها مكافآت تستحق الاحتفال!

كيف ننقذ أنفسنا؟ ربما لا يمكننا، وربما… نحتاج ريلًا جديدًا عن ذلك!

الآن، وبعد هذا الحديث، هل سنحذف تيك توك؟ هل سنقرر أن نستخدم إنستغرام لتبادل الذكريات فقط؟ بالطبع لا، فنحن بشر، ومصممو الريلز يعرفون كيف يربطوننا بعقد غير مرئي مع أجهزتنا. في نهاية المطاف، نحن نحتاج إلى جرعة يومية من السخرية أو اللطافة، لأن الحياة الواقعية أحيانًا لا تقدم لنا ما يكفي من المرح السريع. لكن، إذا وجدت نفسك عالقًا في حلقة لا نهائية من المشاهدة، فربما تحتاج فعلاً إلى “ريل” يعلمك كيفية وضع حدود مع شاشة هاتفك، أو ريل يذكرك أنه لا بأس أن تعيش حياتك بدون توثيقها في ثوانٍ.

أضف تعليق