استيقظ يوسف في صباحٍ مشرق، ليكتشف أن إصبعه الصغير قد انفصل عن يده واستقر بجانب الوسادة. حدق في الإصبع بدهشة، وكأنه جزء غريب لا ينتمي إليه. لم يكن هناك ألم، فقط شعور بالخسارة. ترك الإصبع على الوسادة، متسائلًا عما يجري، لكنه قرر تجاهل الأمر على أمل أن يعود كل شيء إلى طبيعته.
ولكن لم يعد شيء إلى طبيعته. مع مرور الأيام، بدأت أجزاء أخرى من جسده تتساقط. كف يده اليمنى سقطت بهدوء في إحدى الليالي، ثم ساقه اليسرى، وكأن جسده بأكمله قرر التخلي عنه. يوسف لم يعرف كيف يتعامل مع هذا الأمر، وبدأ يفقد السيطرة على حياته.
في ليلة صامتة، وجد نفسه جالسًا على كرسيه وسط غرفة مظلمة، محاطًا بأطرافه المتساقطة. فجأة، سمع همسات تأتي من الكف الذي انفصل عنه.
“لماذا تركتموني؟” سأل يوسف، صوته مليء باليأس.
ردت الكف: “تركناك لأنك تركتنا أولًا. لقد تخليت عن الحياة، عن الأحلام، عن كل شيء كان يجعلك حيًا.”
يوسف، مشوشًا وغير قادر على الفهم، سأل: “كيف يمكن لجسدي أن يسقط بسبب الحياة؟ كيف يرتبط هذا بما أفعله؟”
أجابت ساقه المتساقطة: “الحياة ليست مجرد مرور الأيام. إنها الأفعال، الشغف، والعلاقات. لقد تركت نفسك تنزلق في الروتين، تتخلى عن الأحلام وتغلق الأبواب أمام الفرص. نحن نتركك لأنك لم تعد ترغب في الحياة.”
بينما كان يوسف يغرق في حواره مع أطرافه، انبعث ضوء غريب في الغرفة. من خلال ذلك الضوء، ظهر مخلوق فضائي، ضخم وعيناه تلمعان بتوهج غريب.
اقترب المخلوق الفضائي بهدوء وقال: “يوسف، أنا من كوكب بعيد، وقد شاهدتك وأنت تتآكل ببطء. جئت لأمنحك الفرصة لفهم ما يحدث.”
بدهشة وارتباك، سأل يوسف: “هل أنت من جعل أطرافي تتساقط؟”
المخلوق رد بصوت هادئ: “لا، ما يحدث لك هو نتيجة اختياراتك. الحياة ليست مجرد انتظار النهاية، بل هي سلسلة من القرارات. كلما تخليت عن جزء منها، تفقد جزءًا من نفسك.”
يوسف، الذي شعر بأن الحياة تنفلت من بين يديه، قال: “ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ كيف أستعيد نفسي؟”
نظر المخلوق إليه بعينين باردتين وقال: “ليس هناك ما يمكنك فعله الآن. لقد فات الأوان. كلما تركت حلمًا يموت، وكلما أغلقت بابًا أمام فرصة، كنت تسير نحو هذا المصير. لقد كنت تظن أن هناك دائمًا وقتًا آخر، ولكنك أخطأت. الحياة لا تنتظر أحدًا.”
سكت يوسف للحظة، وكأن الكلمات التي سمعها كانت حكمًا نهائيًا. “هل هذا يعني أنني لن أستعيد شيئًا؟” سأل، وكأنه يطلب فرصة أخيرة.
ابتسم المخلوق ابتسامة باهتة وقال: “بعض الأشياء لا يمكن استعادتها. الحياة هي مثل جسدك الآن، تتآكل ببطء حتى تتفكك تمامًا. لقد وصلت إلى النهاية، وعليك أن تقبل ذلك.”
بقي يوسف جالسًا، محاطًا بأطرافه المفقودة، والشعور باليأس يتعمق داخله. المخلوق الفضائي اختفى كما ظهر، تاركًا يوسف في ظلام غرفته، يدرك أن النهاية قد حلت. لم تكن هناك فرصة أخرى، لم يكن هناك مستقبل يمكن إنقاذه.
وفي النهاية، جلس يوسف في هدوء قاتم، بلا أطراف، بلا أحلام، بلا أمل.
