بدأ يسأل المارة في الطريق، “هل رأيتم فردة حذائي؟”. الناس يضحكون، يتهامسون فيما بينهم، البعض يحاول إقناعه بأن الحذاء ليس مهمًا طالما ما زال لديه فردة واحدة. لكنه لم يقتنع. “كيف يمكنني العيش بفردة حذاء واحدة؟” قال لنفسه بغضب.

ومع تزايد الضحكات والنظرات الساخرة، قرر الرجل أن يلجأ إلى السلطة لإيجاد الحل. توجه إلى أقرب قسم شرطة. كان مقتنعاً أن القانون يجب أن يتدخل في مثل هذه الكوارث. “أريد الإبلاغ عن فقدان فردة حذائي!”، قال بحزم للموظف عند المدخل.

لكن، بدلاً من قسم الشرطة، كان قد دخل دون أن يعلم أحد فروع المخابرات. كان الجو ثقيلاً، والرجال المتجهمون يرمقونه بنظرات مشككة. قبل أن يفهم ما يحدث، انقض عليه أحدهم وجره إلى الداخل.

“فردة حذاء؟ هل تجرؤ على إضاعة وقتنا في هذا الهراء؟” صاح الجلاد في وجهه. قبل أن يجد الكلمات للرد، بدأ الجلادون يضربونه بلا رحمة. “كيف تجرؤ على البحث عن فردة حذاء أخرى؟”، “أنت لا تستحق سوى فردة واحدة!”. 

بعد فترة من الضرب والإهانة، بدأ يقتنع. “الحياة بفردة واحدة ليست سيئة كما كنت أظن”، قال لنفسه. “ربما فردة واحدة تكفي… نعم، إنها تكفي”. ولم يعد يرى الفكرة غريبة كما كانت. كانت الكلمات التي ألقاها الجلادون تتردد في ذهنه: “من يحتاج إلى فردتين؟ الحياة أسهل بفردة واحدة!”.

خرج الرجل من الفرع بعد حفلات التعذيب التي استمرت لأيام. وكلما رأى شخصاً يرتدي حذاءً بفردتين، صرخ فيه: “لماذا تحتاج إلى فردتين؟ فردة واحدة هي الحل!”. كان الناس يبتسمون في استغراب، لكنه يهجم عليهم محاولاً تخليصهم من أحد فردات أحذيتهم، “الحياة بفردة واحدة أكثر بساطة!”، كرر مرارًا.

وعندما وصل إلى منزله، كان الصمت يخيم. دخل غرفته ووجدها… الفردة الثانية. كانت ملقاة بهدوء بجانب الباب. تلك الفردة التي قضى يوما كاملا يبحث عنها، وضُرب وأُهين من أجلها لأيام.

نظر إليها بتوتر. بدأ صوت الجلادين يتردد في رأسه مرة أخرى: “الحياة بفردة واحدة هي الحياة المثالية!”. شعر بالانزعاج من تلك الفردة الثانية وكأنها خيانة لفكره الجديد. حملها بين يديه، نظر إليها طويلاً، وصراعات كثيرة تدور في رأسه. ما الذي يجب عليه فعله؟

أضف تعليق