السياحة في وطن مدمّر! لنتوقف هنا قليلاً ونفكر: عن أي سياحة يتحدث السيد الوزير في بلد تزينه الأنقاض وتغمره رائحة الحرائق؟ هل هذه دعوة للسياحة التاريخية بمفهوم جديد؟ حيث يمكن للزائر أن يشاهد كيف تحول الحي العريق إلى “مجموعة من الصخور المتناثرة”، أو يتجول في أسواق قديمة تحولت لمناطق أشباح يعانقها الصمت الكئيب.

سياح أم ميليشيات؟ أما حديث الوزير عن السياح من العراق وإيران وروسيا، فهو يستدعي الضحك والدموع في آن واحد. في الحقيقة، هؤلاء “السياح” ليسوا من عشاق الطبيعة أو التراث السوري، بل هم ضيوف من نوع خاص، زوار يأتون بأحذية عسكرية وأساطير عن بطولات خارقة، ليحفظوا ما تبقى من “استقرار” النظام ويؤمنوا مصالحهم الخاصة. هل هي سياحة؟ أم استعراض عضلات؟

إنفاق سياحي وهمي الوزير مرتيني يتحدث عن زيادة في الإنفاق السياحي بنسبة 15%. ربما يشير إلى الزيارات الدورية لجنرالات الميليشيات إلى المطاعم الفاخرة في دمشق، حيث يدفعون الفواتير “المرتفعة” لوجبات قد تُعتبر بالغة الفخامة في زمن الجوع والبطالة. أما عن السوريين العائدين إلى البلاد بنسبة 25%، فالسؤال هنا: هل يعودون بملء إرادتهم أم قسراً محملين بحكايات الألم؟

إصلاحات حكومية وإجراءات “نيرة” من الجميل أن تُبسط الحكومة الإجراءات الحدودية، لكن من سيتخطى الحدود فعلاً؟ هل يتوقعون وفود السياح الأوروبيين المحملين بآلات التصوير؟ أم ينتظرون رحلة سياحية من عشاق المغامرات القادمين لاكتشاف “كنوز الفوضى”؟

تفاؤل لا يفهمه العقل ختم الوزير كلامه بتفاؤل يشبه تفاؤل شخص على متن سفينة تغرق، يصرخ بحماسة أن الطقس جميل في الأفق. السياحة في سوريا باتت مجرد فانتازيا للحكومة، تسوّقها للعالم وكأنها لعبة في مسرح العبث. وما بين تصريحات الحكومة ومسرحية الواقع، يبقى السؤال: من هم المستفيدون الحقيقيون من هذه المشاريع؟ الشعب السوري بالتأكيد ليس منهم.

أضف تعليق