في النهاية، أليس كل هؤلاء وحوشاً؟

الصراع في الشرق الأوسط: من هو الوحش الحقيقي؟

لا يمكن إنكار حقيقة أن المنطقة العربية تعيش في فوضى منذ سنوات، وبدلاً من أن يكون هناك طرف يمثل الخير أو العدالة، نجد أنفسنا أمام مشهد مليء بالوحوش. في كل ركن من أركان هذه الصراعات، هناك جماعات وأنظمة تستخدم العنف والقمع لتحقيق مصالحها، في ظل تدهور القيم الإنسانية.

من سوريا إلى اليمن، ومن العراق إلى لبنان، يتكرر نفس السيناريو. أنظمة قمعية ترتكب المجازر بحق شعوبها، ميليشيات تتلاعب بالطوائف وتغذي الكراهية، قوى خارجية تتدخل وتزيد النار اشتعالاً لتحقيق مصالحها الخاصة. الجميع يتسابقون للحصول على السلطة، ولا يكترثون إلا لأجنداتهم.

أما إسرائيل، الوحش الذي يتخفى وراء قناع “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، لا تختلف كثيراً عن بقية الوحوش في المنطقة. دولة بنيت على اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، تتباهى بأنها “واحة الحضارة” وسط بحر من “التخلف”، بينما تمارس يومياً أبشع أنواع القمع والاحتلال. تقتل وتطرد وتسجن بلا حساب، وتستمر في الاستيطان وكأن العالم أعمى عن جرائمها. والغريب في الأمر، أن إسرائيل تستخدم نفس المبررات التي يستخدمها كل وحش آخر في المنطقة: الدفاع عن النفس، الأمن القومي، ومحاربة الإرهاب. ولكن هل يكون قتل الأطفال وهدم البيوت وتشريد العائلات “دفاعاً عن النفس”؟

إسرائيل قد تكون الوحش الذي يتحدث لغة أخرى، ولكنه وحش تماماً كغيره. 

لا تطالبني بدعم وحش لأنني أنتمي لدينه

إن فكرة الانحياز لطرف لأنهم يتحدثون لغتك أو يتبعون دينك قد تكون فكرة مغرية، لكن في واقعنا الشرق أوسطي، هذه مجرد حيلة للتلاعب بعواطف الناس. يتم تصوير أحد الأطراف على أنه “البطل” أو “المنقذ”، بينما هو في الحقيقة لا يختلف كثيراً عن الطرف الآخر من حيث الجرائم والانتهاكات.

لا أريد دعم وحوش

كيف يمكنني أن أختار بين وحش وأقل وحشية؟ في الصراعات الشرق أوسطية، لا يوجد خير مطلق ولا عدالة. هناك فقط من يسعى وراء السلطة بأي ثمن. لذا، لا تطالبني بأن أدعم نظاماً قمعياً لأنني أشاركهم لغتي، أو أن أدعم جماعة متطرفة لأنهم ينتمون لديني. لا يمكنني أن أكون طرفاً في لعبة قذرة يتحكم فيها هؤلاء الوحوش، ويستخدمون فيها الشعوب كأدوات لتحقيق مكاسبهم.

الفرح بموت الوحوش

في هذا العالم الذي تحكمه الوحوش، سأكون سعيداً إذا سقط أحدهم في معركته مع وحش آخر. لن أشعر بالحزن عندما يموت وحش لأن ذلك يعني أننا قد نكون اقتربنا خطوة من الخلاص. كلما قل عدد الوحوش، زاد الأمل في أن نتمكن يومًا ما من بناء مستقبل لا يتحكم فيه القتلة والمستبدون.

الوحشية في الشرق الأوسط لا تنتهي، ولكن دعم وحش على حساب آخر ليس هو الحل. الحل يكمن في التوقف عن الانحياز الأعمى لأي طرف، والنظر في حقيقة هذه الصراعات التي تستغل الطوائف والأديان واللغات لتبرير القتل والظلم.

أضف تعليق