اللصوص في كل مكان: من الداخل والخارج

حين نتحدث عن اللص في بيتنا، لا نقصد فقط الشخص الذي يقتحم منزلك ليسرق أشيائك الثمينة. بل نحن هنا نتحدث عن اللصوص الذين جاؤوا من الداخل، من بيننا، يرتدون عباءات الوطنية والمقاومة والحرية، لكنهم في الواقع يسرقون حاضرنا ومستقبلنا.

اللص الأول هو الفساد الداخلي، الذي أصبح سرطانًا ينخر في عظام المؤسسات العربية. الحكومات التي تدعي حماية الشعوب بينما تسرق الثروات، تزعم أنها تقود النضال بينما تسرق قوت الناس وأحلامهم. في لبنان، على سبيل المثال، اللصوص يجلسون على مقاعد السلطة، يسرقون الكهرباء والوقود ويحولون البلاد إلى حطام. وفي سوريا، حيث يعاني الشعب من القتل والتدمير، يسرق النظام الحياة نفسها ويترك الناس تحت الأنقاض.

ثم هناك اللص الخارجي، الذي يدخل بيوت العرب تحت شعارات الدعم والتحرير، لكنه في الحقيقة يسعى للسيطرة على القرار والثروات. قوى إقليمية ودولية تدعي مساندة القضايا العربية، لكنها تمول الحروب وتستفيد من الصراعات. من إيران التي تُدير ميليشيات عابرة للحدود تحت شعار المقاومة، إلى القوى الغربية التي تتدخل وتسرق النفط وتفرض قراراتها.

في قلب هذا الصراع المستمر، نجد إسرائيل كلص يسرق الفلسطينيين ليس فقط من أراضيهم، بل أيضًا من حقهم في الحياة والكرامة. منذ أكثر من سبعين عامًا، تمارس إسرائيل سياسة السرقة المنظمة: تسرق الأرض، تسرق المنازل، تسرق الموارد، وحتى تسرق الهوية الفلسطينية. الفلسطينيون يعيشون تحت وطأة احتلال ينهب مستقبلهم يومًا بعد يوم، فالمستوطنات التي تتوسع على حساب أراضيهم تُبنى على أنقاض أحلامهم.

إسرائيل لم تكتفِ بسرقة الجغرافيا، بل سلبت أيضًا التاريخ. التهجير القسري للفلسطينيين، والاستيلاء على منازلهم ومزارعهم، ومحاولات طمس الهوية الثقافية والدينية في القدس المحتلة، كلها أفعال تضع إسرائيل في موقع اللص الأكبر في المنطقة. لا يقتصر الأمر على الحجر والتراب، بل يتجاوز ذلك إلى سرقة موارد المياه والزراعة، والاعتداء المستمر على حقوق الفلسطينيين في العيش بسلام وكرامة.

تمامًا كما يسرق اللصوص في الداخل أحلام شعوبهم، تقوم إسرائيل بسرقة حاضر ومستقبل الفلسطينيين دون محاسبة، وتستمر في تغليف هذه السرقة بشعارات زائفة عن “الأمن” و”الدفاع”، بينما تُمارس أبشع أنواع النهب ضد شعب يعيش في ظروف غير إنسانية.

اللص الأكبر: الأنظمة التي تدعي المقاومة

في كل بيت عربي، نسمع صرخات “المقاومة” و”التحرير”، لكن ما الذي تم تحريره حقًا؟ الأنظمة التي تدعي المقاومة تقاتل من أجل بقائها في السلطة، بينما تسرق أرواح الشعوب. حزب الله، على سبيل المثال، يقاتل في سوريا ويورط لبنان في أزمات لا نهاية لها بحجة الدفاع عن المقاومة، لكنه في الواقع يسرق الأمن والاستقرار من داخل لبنان نفسه.

نفس اللص نجده في اليمن، حيث جماعة الحوثي تسرق أحلام اليمنيين تحت ذريعة مواجهة العدوان الخارجي، بينما تسرق الحياة من داخل البلاد وتزيد من معاناة الشعب. اللصوص في الشرق الأوسط لا يحملون مسدسات بل يحملون شعارات. كل يوم يُقتطع جزء من كرامتنا ومستقبلنا، وتُسرق منا فرصة الحياة الكريمة، تحت مسميات “المقاومة” و”الوطنية”.

البيت المنهوب: ثروات الشرق الأوسط

الشرق الأوسط من أغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية، لكن السؤال هو: أين تذهب هذه الثروات؟ اللصوص داخل البيت يسرقون النفط والغاز والثروات الزراعية، ويبيعونها لمن يدفع أكثر، بينما يترك الشعوب تعاني من الجوع والحرمان. في العراق، حيث النفط يتدفق كالذهب الأسود، تُنهب الثروات بلا رحمة، ويعيش الشعب تحت وطأة الفقر والحروب.

السرقة الفكرية: سرقة الأحلام والكرامة

ربما أخطر أنواع السرقة هي تلك التي لا نراها بأعيننا: سرقة الأفكار والأحلام. في كل بيت عربي، هناك شباب يعانون من غياب الفرص، تُسرق منهم طموحاتهم في التعليم والعمل والحياة الكريمة. الأنظمة التي تدعي بناء المستقبل تسرق العقول وتمنع الإبداع. اللص الذي يعيش بيننا هو لص الأحلام، يسرق منا الحق في أن نكون شيئًا أفضل.

كيف نستعيد بيتنا؟

الإجابة ليست سهلة، فالأمر لا يقتصر على القبض على اللص، بل يتطلب إصلاحًا جذريًا للمنظومات التي سمحت لهذه السرقة بالحدوث. يحتاج العالم العربي إلى إعادة بناء القيم والمبادئ التي تؤمن بالعدالة والمساواة، ويحتاج إلى شعوب تعرف كيف تحاسب قادتها ولا تسمح للصوص بالاستمرار في نهب البيوت.

أضف تعليق