تلك هي الحكمة الذهبية التي يتبناها الكثيرون في عالمنا العربي، حيث يتحول الفرد بكل مرونة من مناضل ثائر ضد الاستبداد إلى مدافع شرس عن القمع… عندما تتطلب الظروف ذلك. فما الحاجة إلى المبادئ الثابتة إذا كانت المواقف تتغير بين عشية وضحاها؟
إنه فن “الانتقائية الأخلاقية”، حيث تستطيع أن تنتقد نظامًا قمعيًا في بلد ما، وتدعم نظامًا شبيهًا تمامًا في بلد آخر، دون أن تشعر بأدنى تناقض. تُرفع شعارات الحرية والعدالة عندما يكون الهدف التخلص من خصومك، لكن عندما يتطلب الموقف حماية مصالحك أو مصالح حلفائك، تتحول بسرعة إلى “ديكتاتور عند الضرورة”.
هل تدافع عن حقوق الإنسان؟ بالطبع، بشرط ألا يتعارض ذلك مع “مصلحة الأمة” أو “الاستقرار”. وهل تعارض الفساد؟ نعم، لكن فقط إذا كان فساد الآخرين، أما فساد المقربين منك فهو “استثناء ضروري”.
في النهاية، ثائر عند الحاجة وديكتاتور عند الضرورة هو الشعار الذي يسمح لك بالتحكم في الأخلاق، واستخدامها كأداة تخدمك عندما تحتاج، وتُلقى جانبًا عندما يصبح الوضع “حرجًا”. وكما يقال، “لكل مقام مكيال”، والمرونة في الكيل هي سر النجاح في هذا العالم المتناقض!
