لم يكن الرحيل خيارًا، بل كان نجاة. في اليوم الذي غادرت فيه الأرض التي أحببتها، ظننت أنني أترك الألم خلفي، وأن المنفى سيكون بداية جديدة. لكنني لم أدرك حينها أن الطغاة لا يرحلون بسهولة. كنت أعتقد أن الحدود تفصلني عن الماضي، عن الوجع، لكن الكوابيس لا تعترف بالجغرافيا.

ذات ليلة، حلمت بدمشق، المدينة التي هجرتها، لكنها لم تغادرني يومًا. في الحلم، كنت أسير متخفيًا بين شوارعها القديمة، أختبئ من أعين المخابرات التي تراقب كل حركة. كنت أركض، لكنني لم أستطع الابتعاد. كل زاوية، كل زقاق، كان يحمل نفس الشعور بالخطر، نفس الإحساس بالعجز.

ومع ذلك، أكتب. أكتب لأن الكتابة هي السبيل الوحيد الذي بقي لي. كل كلمة أكتبها ليست مجرد تعبير عن الألم، بل هي مقاومة. في كل حرف أسطره، أصرخ في وجه من سلبوا مني كل شيء. لم تعد الكتابة مجرد حروف، بل أصبحت سلاحي في مواجهة الكوابيس.

أضف تعليق