في حياتنا اليومية، غالبًا ما نجد أنفسنا أمام انقسامات حادة بين طرفين متصارعين، وكأن العالم يُقسم دائمًا إلى معسكرين متقابلين: الأبيض والأسود، الخير والشر، الصديق والعدو. لكن ماذا لو لم يكن الواقع بهذه البساطة؟ ماذا لو وجدت نفسك غير متفق مع أي من الطرفين؟ هل يجبرك ذلك على الانضمام إلى أحدهما؟

هذه الفكرة تتجلى بوضوح في المواقف السياسية المعقدة، مثل تلك المتعلقة بإسرائيل وحزب الله. بالنسبة للبعض، قد يبدو من المستحيل أن تكون ضد كليهما في نفس الوقت، فإما أن تقف مع حزب الله ضد إسرائيل أو مع إسرائيل ضد حزب الله. لكن الحقيقة التي يتجاهلها الكثيرون هي أنه من الممكن جدًا أن تكره كليهما بنفس القدر، وأن تعارض سياسات الطرفين في آن واحد. وترى في كل طرف شرًا يخدم مصالحه على حساب الأبرياء.

وهنا تأتي الفكرة الأساسية: أنت لست مجبرًا على اختيار أحد الشرين. يمكنك أن ترفض كلا الطرفين وتدرك أن كلاً منهما يستخدم أساليبه الخاصة في تدمير حياة الناس وتحقيق مصالحه الخاصة.

وهكذا، من المهم أن ندرك أن الصراع بين حزب الله وإسرائيل ليس معركة بين الخير والشر المطلقين، بل هو صراع بين قوتين تتصارعان على النفوذ والسلطة، بينما يدفع الأبرياء الثمن.

ومع ذلك، قد تجد في نفسك شعورًا بالارتياح أو حتى السعادة عند هزيمة أحد هذه الأطراف. ليس لأنك تقف مع الطرف الآخر، ولكن لأنك ترى أن سقوط أحد الشرين على الأقل يخفف من وطأة الصراع. فمن الطبيعي أن تشعر بالراحة عندما ينكسر أحد الجلادين، لأن ذلك يعني أن شرًا واحدًا قد تلاشى، أو على الأقل قلّ تأثيره.

عدو عدوي ليس بالضرورة صديقي، وأحيانًا، قد يكون عدوك أسوأ أو مساوٍ لعدوك الآخر. وفي هذه الحالة، ليس عليك أن تصطف مع أحدهما، بل قد تكتفي بأن تراقب وتنتظر لحظة سقوط أحد الأطراف، لتشعر على الأقل بأن معركة واحدة من معارك الشر قد انتهت.

أضف تعليق