لطالما كانت العلاقة بين النظام السوري وحزب الله متينة، قائمة على المصالح المتبادلة والدعم المتواصل. في الأزمات، كان النظام السوري يسارع في تقديم كل أنواع الدعم لحزب الله، من توفير الأسلحة مروراً بفتح الحدود، في المقابل أرسل الحزب المقاتلين لقمع الثورة السورية. لكن، عندما جاء الوقت الذي طلب فيه الحزب رد الجميل، وجّه طلبًا بسيطًا: “نريد بعض الجنود لمحاربة إسرائيل”. فجاء الرد من دمشق سريعًا وواضحًا: “جنودنا مشغولون بمهامهم الوطنية!”
لكن عن أي مهام يتحدث النظام؟ هؤلاء الجنود الذين لا يترددون لحظة في قتل السوريين وتهجيرهم، وتدمير المدن والبلدات، باتوا فجأة مشغولين بأجندة لا تسمح لهم بمحاربة إسرائيل، العدو الذي يدّعي النظام أنه يقاومه.
هل نسي الأسد وحزبه أن الجنود السوريين لم يُرسلوا منذ عشرات السنين إلى الجولان؟ الحدود مع إسرائيل لم تكن يوماً أكثر هدوءًا، فمنذ عهد الأسد الأب إلى يومنا هذا، لم تطلق طلقة واحدة من هناك، وكأن الجولان ليس تحت الاحتلال، بل تحت الحماية.
الواقع المرير هو أن الجبهة الحقيقية للنظام لم تكن يوماً ضد إسرائيل، بل ضد شعبه. فكيف يمكن أن يرسل جنوده لمحاربة “عدوه” بينما يراهم أداةً لقمع المطالبين بالحرية والكرامة داخل بلده؟ يبدو أن مفهوم المقاومة لدى النظام يرتبط فقط بالبقاء في السلطة، مهما كان الثمن. لا عجب إذن أن يرفض الأسد إرسال جنوده إلى جبهة إسرائيل؛ فهم مشغولون في “معاركهم” الخاصة، حيث يكون العدو هو الشعب السوري نفسه.
أما حزب الله، الذي طالما وقف إلى جانب النظام السوري في معاركه الداخلية، فقد كان يتوقع بعض الوفاء. قدم الحزب دماء مقاتليه لدعم بقاء الأسد في السلطة، وشارك في تدمير المدن السورية جنبًا إلى جنب مع النظام. ولكن عندما طلب شيئًا بسيطًا: مشاركة الجنود السوريين في مواجهة العدو الإسرائيلي، جاءت الصدمة. لم يكن النظام مستعدًا للتخلي عن جنوده في معركة حقيقية. هل كان الحزب يتوقع حقاً أن الأسد، الذي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل منذ عقود، سيبدأ الآن بإرسال جيشه لمحاربة العدو الخارجي؟
في النهاية، يبدو أن الأسد وحزب الله اتفقا على شيء واحد: الأولوية ليست لمحاربة إسرائيل، بل لحماية وجودهما. وإذا كانت هناك معارك حقيقية تُخاض، فهي ليست ضد المحتل، بل ضد كل من يهدد بقاء السلطة.
