يبدو أن نظام الأسد لديه فهم عميق لعلم النقل والخدمات اللوجستية. ففي الوقت الذي أرسل فيه حافلات البولمان المكيفة لنقل النازحين اللبنانيين إلى دمشق وريفها وحمص، كان السوريون في الماضي يُنقلون في حافلات خضراء قديمة، تلك الحافلات التي أصبحت رمزًا للنزوح القسري. والسؤال الآن: هل هذا يعكس اختلافًا في المعاملة أم في الديكور؟ وهل اللبنانبون سيشعرون بالفرق عندما يستقلون هذه الحافلات الفاخرة؟

الفرق بين الأخضر والمكيفة

في سوريا، باتت الحافلات الخضراء رمزًا للخروج الإجباري. كان السوريون يُدفعون إلى ركوب تلك الحافلات وكأنها تذكرة بلا عودة. هذا اللون الأخضر ليس رمزًا للطبيعة والسلام هنا، بل صار لونًا يجسد النفي والاقتلاع من الجذور. لقد رأينا تلك المشاهد مرارًا وتكرارًا: حافلات خضراء تخرج من المدن المحاصرة، تحمل معها قصصًا لا تنتهي من الألم والنزوح.

“الأخوة في المصير” ولكن بنسختين

لا شك أن المشهد اليوم يحمل نوعًا من الكوميديا السوداء. السوريون الذين عاشوا في لبنان كلاجئين، والذين فروا من حرب الأسد، يرون اليوم جيرانهم اللبنانيين يُنقلون في حافلات الأسد المكيفة إلى داخل سوريا. العالم يتغير، والأدوار تتبدل، ولكن الطريقة التي يُدار بها النزوح تبقى متشابهة.

من الضحية إلى الضحية… ولكن مع تكييف!

ليس من المستغرب أن اللبنانيين الذين يفرون الآن من القصف الإسرائيلي سيجدون أنفسهم في موقف مشابه للسوريين الذين سبقوهم. ولكن الفارق هنا هو الطريقة التي يتم التعامل بها معهم. السوريون اضطروا للهروب من النظام الذي يقصفهم، بينما اللبنانيون يهربون إلى نفس هذا النظام الذي يدعي الآن أنه يوفر لهم الحماية والملاذ.

نهاية ساخرة لرحلة بلا وجهة

بينما يستقل اللبنانيون حافلاتهم المكيفة، قد يتساءل البعض: هل نحن في أمان؟ هل هذه الرحلة هي بداية جديدة، أم أننا سننتهي كما انتهى السوريون قبلنا؟ الأسد يقدم “الخدمة”، ولكن تاريخه المليء بالخراب والنفي يجعل الجميع يتساءل: ما الذي ينتظرنا حقًا على الجهة الأخرى من الحدود؟

أضف تعليق