في عالمنا العربي الحبيب، حيث الإبداع لا يعرف حدودًا، وحيث الأزمات تُحَلّ بسرعة البرق (أو ربما بسرعة عنكبوت يبحث عن عشاء)، نجد أنفسنا نعيش في عالم العناكب. نعم، ذلك العالم الغريب الذي تُحكم فيه المجتمعات ليس بأيدي حكومات عادية، بل بـأرجل العناكب الطويلة لحكومات مستبدة. وهل تعلم ما الذي يجعل هذه العناكب متفوقة في الحكم؟ إنها الأرجل الثمانية، لأن يدين أو أربع لا تكفي للإمساك بالشعوب!

أرجل العناكب: عندما تحتاج السلطة لعدد إضافي من الأذرع!

تخيل معي، لو كانت للحكومة أربع أرجل فقط، هل كانت تستطيع أن تمسك بالكل؟ بالتأكيد لا! لذا، في هذا العالم، يجب أن تكون للعناكب ثماني أرجل، كل واحدة منها مخصصة لشيء معين: رِجل لتتبع وسائل التواصل الاجتماعي، رِجل لاعتقال من يضحك بصوت مرتفع، رجلِ لرصد كل من يفكر في الهروب، ورِجل لهذه ورِجل لتلك. ورِجل إضافية للاحتياط لأنك لا تعرف متى ستحتاجها.

هكذا، ترى العنكبوت الحكومي جالسًا في مركزه، يرسل خيوطه إلى كل مكان، وكلما مررت بالقرب منه، تجد أن إحدى الأرجل بدأت بالتحرك في اتجاهك. هل فكرت في قهوة الصباح؟ لا بأس، ولكن تأكد ألا تكون قهوة الحرية، لأنك قد تجد نفسك محاطًا بخيوط لا يمكنك التخلص منها.

الخيوط: متينة، لزجة، ولا مفر منها

لنكن صريحين، العناكب في عالمنا العربي قد تعلمت نسج الخيوط بكل مهارة، حتى أصبح الخروج من شبكة العنكبوت أشبه بمحاولة فك لغز سودوكو على مستوى “عبقري في جهنم”، تتفاجأ كل يوم بوجود خيط جديد: خيط في السياسة، خيط في الاقتصاد، خيط حتى في حياتك الشخصية. تحاول التحرر؟ كن مستعدًا، فهناك خيط آخر ينتظرك. هل تعلم لماذا؟ لأن كل خطوة تخطوها في الاتجاه الصحيح نحو الحرية، تجد أن هناك عنكبوتًا غاضبًا ينتظرك بقدم جاهزة لتحكم قبضتها عليك.

في سوريا، مثلاً، الخيوط محكمة جدًا، لدرجة أن بعض المواطنين يجدون أنفسهم عالقين فيها حتى قبل أن يولدوا. الخيوط تصل إلى الحلم نفسه، وتمنعك من التفكير في أي شيء يتجاوز الحدود المرسومة. تريد أن تحلم بالمستقبل؟ تأكد من أن الخيوط لا تربط عقلك قبل أن تنام!

العناكب الاجتماعية: لا شيء يفلت من هذه الأرجل الثمانية

العناكب الحكومية تتفنن في مراقبة حياتنا الاجتماعية. هل جربت أن تنشر منشورًا على فيسبوك يتحدث عن الطقس بطريقة مريبة؟ قد تلاحظ أن هناك إحدى الأرجل بدأت تتحرك نحوك. تريد أن تنتقد نوعية الخبز؟ جيد، ولكن تأكد من أن الرِجل التي تتعامل مع الخبز ليست هي نفس الرِجل التي تعتني بمراقبة الحريات.

في سوريا، العناكب لا تحتاج حتى إلى تكنولوجيا متطورة. يكفي أن تكون هناك شبكة من “الأذكياء” الذين ينسجون الأخبار والمعلومات إلى العنكبوت الأم. “فلان خرج ولم يعد؟” لا تقلق، الرجل السابعة أخذته في نزهة قصيرة.

حياتك محاصرة بالخيوط: كيف تتعايش مع العناكب؟

في عالم العناكب، الحل الأمثل للبقاء هو أن تعرف كيف تتفادى الخيوط. كن دائمًا متيقظًا، حاول أن تتعلم مهارات مثل الاختباء تحت الحجارة أو الاندماج مع الحائط، لأن العناكب تحب الصيد في وضح النهار. نصيحة إضافية: لا تتحرك بسرعة، فالعناكب تفضل الفريسة السريعة.

تذكر دائمًا أن كل محاولة لتحرير نفسك قد تقودك إلى شبكة أعقد. الناس هنا يحيون تحت قناعة أن الخيط الذي تراه هو بداية الحل، لكنك بعد أول خطوة تجد نفسك محاصرًا بألف خيط جديد.

الخاتمة: من يغزل الشبكة أفضل من العنكبوت؟

في النهاية، العناكب في عالمنا لا تهدف إلى القضاء عليك، بل إلى إبقائك معلقًا في شبكة الخيوط إلى الأبد. في سوريا، تتقن العناكب فن الانتظار، فهي تعلم جيدًا أن الحياة محكومة بخيوطها، وأن أي محاولة للفرار ما هي إلا تأكيد على نجاحها في بناء هذه الشبكة.

في عالم العناكب، لا توجد طرق مختصرة، لا أبطال خارقين، ولا حرية حقيقية. فقط كن حذرًا، تحرك ببطء، وانتظر… فالخيط القادم قد يكون مُنسَجًا خصيصًا لك!

4 رأي حول “عالم العناكب: حين تصبح الأرجل الثمانية أفضل أدوات المستبد!

أضف تعليق