كان يا مكان في قديم الزمان، “دولة” ادعت أنها انتصرت على “الإرهابيين”. نعم، السادة والسيدات، لقد طهرت “الأرض” من هؤلاء الأشرار، وأزالت كل أثر لوجودهم… طبعًا، من بقي منهم حياً كان محظوظًا بالحصول على مقعد في باص الرحمة الخضراء متجهًا إلى مكان آخر في نفس “الدولة”. لكن دعونا لا ننخدع، فما حدث لم يكن انتصارًا بقدر ما كان مسرحية عبثية من الكذب والتدمير المتعمد. فقد قُتل مئات الآلاف، اعتُقل الآلاف، وهُجّر من بقي… وبالنهاية؟ “انتصرت”!
يا لغباء من يصدق هذا الانتصار العظيم! كيف لدولةٍ أكلها الفساد، يعيش فيها الرشوة والمحسوبية كالأكسجين، دولةٌ لا تتقن إلا لغة النار والحديد، أن تنتصر؟ هل يمكن لمن يتفاخر بالدمار أن ينتصر حقًا؟ في هذه الدولة، الفساد ينتصر كل يوم، لكنه ينتصر على الحياة نفسها.
احتفال بائس بـ”الانتصار”
الاحتفالات! أوه، لا يمكن أن ننسى الاحتفالات الرائعة بعد “الانتصار”. ألعاب نارية، رقص، سيلفي مع المشرّدين، رصاص في الهواء وكأنها ليلة رأس السنة في الجحيم. أشخاص يرقصون كالأغبياء احتفالًا بتهجير أبناء وطنهم، وآخرون يتسابقون لأخذ صور تذكارية مع أطفالٍ مذعورين على خلفية بيوتٍ مدمرة. والأنكى، تجد من يوزع الماء بشرط واحد: أن تهتف لسيّد البلاد وراعي الرياضة والرياضيين، لأنك لولا “فضل” الدولة لما تجرأت على شرب الماء!
هؤلاء المنتصرون؟ لا، هذه “هزيمة” ناطقة بكل المعايير.
الدولة التي “انتصرت” بطرد أهلها
دعونا نكن صريحين: الدولة التي تهجر الأطفال والنساء ليست دولة، بل نظام قمعي. الدولة التي تقلع أصحاب الأرض من أرضهم لا يمكن أن تسمى دولة. لا يمكن أن تنتصر “دولة” تعتمد على المرتزقة المستوردين من كل مكان لإبادة أهل الأرض. الانتصار ليس بتدمير المنازل، ولا باعتقال المدنيين. فكيف لدولة تهين شعبها أن تزعم النصر؟ هذه ليست دولة… إنها مجرد فوضى محكمة.
تنويه
في النهاية، ها هي الدولة التي “حررت” مناطقها من “الإرهابيين”، وما حدث؟ هجّرت من تبقى، وقتلت من أراد البقاء… وها هي تحتفل بالنصر كما تحتفل الهزيمة المتنكرة بزي المنتصر.
