لم يكن الأمر مجرد حلم، بل أشبه بكابوس يعزف على أوتار الرعب واللاجدوى. دب عسلي ضخم، اقتحم غرفة معيشتي بلا استئذان، جلس يتربصني كحارس لبوابة حرية لن أصل إليها. بفروه السميك وأنيابه اللامعة، شلّ حركتي، أسيرني في مكاني، حتى الهواء لم أعد أتنفسه بحرية. هذا المخلوق لم يكن مجرد حيوان من الغابة… كان تمثيلًا صارخًا لشيء أكبر، لشيء خفي يسكن خلف عينيه المرعبتين.
أجل، هذا الدب الذي ملأ حلمي لم يكن سوى ذلك الدب الروسي الذي يتسكع في بلادي، يعيث خرابًا وموتًا تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”. دب يغرز مخالبه في لحم أبناء شعبي، بينما يجرجر ذيله في شوارع مدننا، معتبرًا أنه يحارب “من أجل السلام”.
في الحلم، جلست هناك محاصرًا، وكأنني في خندق لا أمل فيه. جسدي استسلم للذعر، العرق يتصبب من جبيني، وكأنني أنتظر حكمًا بالإعدام من هذا الوحش العسلي. لكن، حتى الوحوش لها نقطة ضعف… وجدتها في تفاحة خضراء مقضومة ملقاة بشكل عشوائي على طاولة ظهرت فجأة. حملتها وقدمتها له كأنها قربان. هدأ الدب… توقف صوته المرعب، واختفت مخالبه كالسحر.
وهناك كانت لحظتي! نعم، هذه اللحظة التي انتظرتها منذ أن غرز هذا الدب أنيابه في أرضي. فارت من مكاني، ركضت نحو الباب، تركته خلفي، أوصدت الباب وكأنني أودع هذا الكابوس إلى الأبد… لكن هل فعلًا انتهى الأمر؟
أين أذهب الآن؟ هل أهرب وأترك منزلي، ذكرياتي، حياتي؟ كيف لي أن أترك كل شيء لهذا الدب الجالس على أريكتي، يستمتع بما لا يخصه؟ عقلي يغلي، وروحي تثور. لا أستطيع العودة إلى الغرفة، لن أواجهه وأعرف نهايتي.
ثم راودتني الفكرة… كنت أعلم أن مواجهته مباشرة ستقضي عليّ. لكنني كنت أحمل في جيبي شيئًا صغيرًا جدًا… عود ثقاب. أشعلته، رميته… ورأيت النار تلتهم كل شيء. أحرقت منزلي، وتركته يحترق مع الدب العسلي في داخله.
النهاية؟ أحيانًا، حين يكون العدو جالسًا على كنبة منزلك، مستمتعًا بما لديك، لا يكفي أن تهرب… أحيانًا تحتاج إلى أن تحرق كل شيء معه.
