لم يدرك موالو الأسد من مختلف الطوائف وخاصة الطائفة “العلوية” أنهم جزء من “البلد” التي يتحدث عنها شعار “الأسد أو نحرق البلد” إلا مؤخراً.

فعندما بدأ هذا الشعار بالانتشار على الجدران في مختلف المحافظات السورية قبل سنوات، اعتقد البعض أنه يعني معارضو الأسد فقط وموجه لهم فقط، وأن كلمة “البلد” فيه مقتصرة على المعارضين وعوائلهم ومدنهم ومنازلهم وممتلكاتهم.

مع الأيام، زادت هذه المحرقة، والتهمت كل السوريين، بمعزل عن طوائفهم أو انتماءاتهم أو اثنياتهم، فالـ مليون سوري الذين قتلوا في هجمات الأسد وميليشياته، يمكن أن يضاف إليهم عشرات الآلاف، وربما مئات الآلاف أيضاً مِن مَن قضوا خضواً لمعارك بقاء الأسد الكرسي.

حربٌ لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حربٌ زجّوا أنفسهم فيها طواعيةً في البداية، وإجبارياً في النهاية، بعد ربطوا مصيرهم بمصير طاغية دمشق.

“أو نحرق البلد” لم تعنِ فقط البراميل والصواريخ والدبابات والطائرات والأسلحة الفتاكة المحرمة وغير المحرمة (من الكيماوي، إلى البالستي، وصولاً إلى العنقودي وغيره) التي استهدفت المدن السورية، ولم تعنِ فقط اعتقال المعارضين وتعذيبهم، كما لم تعنِ تهجير المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد والتي يقطنها “الثائرون” فقط، وأيضا لم تعنِ حصار المدن المعارضة.

بل أيضاً عنَت قتلى الموالين، وخسارة الأموال، واحتراق الأسواق، والتفجيرات الداخلية، والاعتقال، والتهجير، والفقر، والحاجة، والعوز، وغيرها الكثير من الأحداث التي تشهدها المناطق التي مازالت تحت سيطرة نظام الأسد، وفيها موالون له.

فرسالة “الأسد” عبر السنوات الماضية، كانت واضحة وجليّة، ومع كل يوم تصبح أكثر وضوحاً وأكثر لمعاناً: سأضحي بالجميع مهما كانوا، وسألقي بالجميع (موالون ومعارضون) في المحرقة، من أجل بقاءي على رأس السلطة، ومن أجل حفاظي على الكرسي، وسأبقى حتى يأتي ابني من بعدي، وسأستمر في سرقة ونهب ثروات البلد كافة.

رسالة بدأها الأسد الأب والذي ركب على أكتاف طائفته وجعلها “مطية له”، ويواصل في نشرها الأسد الابن مستخدماً نفس “المطية”..

إدراك بعضاً من المؤيدين “مؤخراً”، أنهم جزء من “البلد” الذي ستُحرق -وإن جاء متأخراً- ولكنه “جاء”، وأصبحوا يعلمون أن الفاتورة باهظة، وأنهم وحدهم من سيدفعها كاملة، وفزاعة الإرهاب والتطرف والطائفية التي ينتهجها نظام الأسد لم تعد مقنعة حتى لأقرب المقربين له، ولسلطته.

ولكن السؤال المستمر والأهم، ماذا سيفعل هؤلاء؟

رغم صعوبة الإجابة على هذا السؤال في الوقت الحالي، إلا أنها ستأتي عاجلاً، وليس آجلاً، كما يرى المراقبون.

فالدفع أصبح على العلن، وقيمة الفاتورة ترتفع بشكل كبير وسريع.

فالبنى التحتية بدأت بالانهيار بشكل كامل، الليرة السورية أصبحت في عِداد الموتى، الاقتصاد في انهيار مستمر، الاحتياجات الأساسية مفقودة، الأمان غائب، الاعتقالات متواصلة.

نشرت في موقع أوغاريت بتاريخ 2016

أضف تعليق